ربِّ اغفِر لوالدَتي وارحَمْها كمَا ربتني صغيراً، واجعَل قبرَها روضَة مِن رِياض الجنة، واجعلها وإيانا مِن وَرَثةِ جنة النعيم

17‏/1‏/2013

ضياع الأهداف بين ماضي الشخص، وحاضره، ومستقبله !


لكل شخصٍ ماضٍ وحاضِرٌ؛ ماضٍ عاشه بين أفراحٍ وأتراح، وعُسرٍ ويُسرَينِ، ونجاحٍ وفَشل، وصحّة ومرض، واجتماعٍ وافتراق، وهَكذا دَوالَيْك؛ وكذلكم الحال في الحاضر الذي يعيشه الآن، أو المستقبل الذي سيعيشه إن طال به الزمان؛ فهو - ولا شك - سيتقلب في أمور كثيرة وأضدادها في حاضره ومستقبله كما كان في ماضيه. 

نعم؛ فهذه القصة - طالت أو قَصُرت - سيَمرُّ بها كل مَن في هذه الدنيا مِن بني آدم، فالماضي سيفوت؛ وهو حتمًا سيكون للعبرة، والحاضر سيتقلب فيه ابن آدمَ ما بين دروس تعلَّمَها مما سَبَقَ مِن ماضيه، واستعدادٍ لمستقبله الذي لا يعرف عنه شيئًا - فهو غيب لا يعلمه إلا الله رب العالمين -، والمستقبلُ حتمًا سيكون الحَكَم العدلَ إما بتقدمه وتغيرهِ نحو الأفْضَلِ والأحْسَنِ، وإما بتأخرِّه وتَقَهْقُرِهِ نحو الخلف لا للوراءِ!
ولو نظرنا في أنفسنا، أو في مَن هم حولنا؛ فإننا سنرى هذا الأمر واضحًا، فكثيرٌ مِنا أو ممن نَعرِفُ كان في ماضيه شخصًا يعيش بلا هدف، وبعضهم هكذا في حاضرهم؛ ترى مِنهم مَن يغدو ويروح، ويصبح ويُمسي فقط للأكل، والشرب، والنوم؛ وبعض جماليات الحياة لا كمالياتها، وأمثالُ هؤلاء كلنا نتفق على أنهم عَالَةٌ على مجتمعاتهم، وَوبالٌ على دولهم، لأنهم لا يُنتِجون؛ ولا مَحَلَّ لهم من الاعراب!

لماذا خلقني الله، ولماذا أنا في هذه الدنيا، وما هو حقُّ اللهِ عليّ، وما هو حقي على الله، وماذا عليَّ أن أقدم لنفسي؛ ومجتمعي، ودولتي، وأمتي؛ وما هي حقوق نفسي عليّ، وما الحقوق التي عليَّ أن أحققها لغيري، كل هذه الأسئلة لا يعرف بعض الناس إجابة لها ! ولهذا فإنّ بعضَ أمثالِ هؤلاء ضررهم كبيرٌ، وخطرهم عظيم على أنفسهم وأمتهم!

وحينما أرى مَنْ يُهدر أوقاته في تفاهات الأمور، وسَفاسِف القيل والقال، واللهو واللعب، وكثرة السفر والترحال فقط للترويح عن النفس؛ حينها ينتابني اشمئزاز فظيع؛ ولكني أبادِرُ بحمد الله الذي هداني لنفع نفسي ومجتمعي وأمتي، فهؤلاء مُبْتَلونَ بنوع مِن أشدِّ أنواع البلاء؛ وقد ثبت عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن رأى مبتلىً؛ فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضَّلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، لم يُصِبْه ذلك البلاء». (رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني).

نعم؛ فالبلاء ليس فَحسبُ في فقد الحبيب، أو مَرضٍ شخصاً يصيب، أو تجارَةٍ تخيب، أو أي بليّة يَتبَعها هَمُّ ونَحِيب، بل البلاء أعم من ذلك وأشمل؛ فكل مَن ضيع وقته، ولم يعرف أهدافه مبتلىً؛ بل هو أعظم مبتلى على هذه البسيطة!

وهذه توجيهات لكل مَن يعيش بلا أهداف؛ علَّها أن تفيد؛ فأجراً أصيب:

أولاً: اِنْسَ ماضيك الذي عشته بلا أهداف:

فالماضي قد مضى وولّى بما كان فيه؛ ولْتَسْعَ لتعيش حياتك الباقية والآتية ضمن أهداف أولوية وثانوية، أهمها تحقيق مرضاة الله تعالى لنيل النعيم الأبدي، وتذكر قوله - سبحانه -: [وابْتَغِ فيمَا آتاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ ولا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيا] (سورة القصص: 77).

فالمؤمن لا ينسى نصيبه الدنيوي مما أباحه الله له؛ فيتمتع بالحلال مما لا يجره إلى الحرام، ويستعين بهذا المباح الحلال على طاعة الله، فهو بذلك يروِّح عن نفسه ليزيدها نشاطًا وهمةً، والمؤمن كذلك لا ينسى نصيبه مِن الدنيا مِنَ عمله الصالح الذي سيصحبه في قبره؛ ويومَ القيامة سيتحسَّر كُلُّ مَنْ لم يعمل لآخرته؛ فيقول: [يا ليتني قدمتُ لحياتي] (سورة الفجر: 24)، ولاحظ أنه لم يقل (يا ليتني قدمتُ في حياتي)، وذلك لأنّ الحياة الحقيقة إنما هي في الآخرة.

ثانيًا: إياكَ وصحبة الذين يعيشون بلا هدف:

فالقرين يقتدي بمن يقارنه؛ وكثرة الإمساس تفقد الإحساس، ومن رافق صاحبًا أخذ مِن صفاته الحسنة والسَيِّئِة شاءَ أو أبى، وقد روي في الحديث الذي ضعّفَه بعض أهل العلم وصححه آخرون: «المرءُ على دين خليله؛ فلينظر أحدكم مَن يُخالِلُ»، ومن الواضح أنّ بعض أغمار الشباب يتأثر بأمثاله من صغار الأعمار، بل إنّ هذا مشاهَدٌ مُعاينٌ مِنَ الكهول كذلك.

وإنما يُعرف الشخص بمعرفة أصدقائه الذين يرافقهم على الدوام، فمن رافق الذين بلا هدف صار مثلهم أو أشدّ تضييعًا لأهدافه، ومن تمسك بصحبة أصحاب الهمم والأهداف السامية صار مِنْ أرباب الفلاح والكفاح والسؤدد والنجاح.

ثالثًا: اقرأ عن الناجحين وابحث عنهم، ولازم أهل الأهداف السامية:

إن بني آدمَ جبلوا على الاستئناس ببعضهم؛ فاجعل أهل الأهداف السامية صحبًا لك، ولازم الناجحين تكن مثلهم صاحب رؤية وأهداف في الحياة، والنجاح لا ينحصر في مالٍ وجاهٍ، بل النجاح أعَمُّ مِن ذلك وأشمل؛ فأهل الدين المتمسكون به هم مِن أرباب النجاح، وأهل العلم كذلك من الناجحين، وكل نافع في هذه الدنيا له نجاحات كبرت أو صغرت.

فاختر لنفسك مجالاً مِن مجالات النجاح وأبدع فيه، وأعظمُ قدوةٍ لنَا من الناجحين في تاريخ البشرية؛ هو نبينا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله - سبحانه وتعالى - يقول: [ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ] (سورة الأحزاب 33).

هناك 5 تعليقات:

  1. لا باس بلغة المقال ، وان كان بعضها ركيكية

    ردحذف
    الردود
    1. وما أنا إلا تلميذ لمن يصحح ويوجه، أو يرشد ويعلم ..
      وكلي آذان صاغية لك لترشدني إلى ركاكة ما في المقال من عبارات !

      حذف
    2. لا باس بلغة المقال ، وان كان بعضها ركيكآ وليس ركيكية.لا اري ركاكهً البته.

      حذف
  2. أبو عبد االله10‏/02‏/2013، 11:12:00 م

    مقال جميل وأكثر من رائع، تلمعلومات قيمة، والعبارات منتقاة بعناية، واللغة المستخدمة متينة السبك واضحة المعنى، خالية من التعقيد، وما أرى فيها شيئا من الركاكة. شكر الله سعيك، وبارك لك في جهودك.

    ردحذف
    الردود
    1. جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك أخي أبا عبد الله ..
      لك مني وافر التقدير، وجزيل الشكر والترحيب ..
      جعلني الله وإياك وكل أحبابنا من ورثة جنة النعيم ..

      حذف

تشرفني مشاركتك بتعليق، أو تصحيح، أو توجيه.
شاكراً لك زيارتك، وراجياً لك الفائدة.
وأعتذر مسبقًا عن حذف التعليقات المحتوية على أرقام الهواتف أو البريد الالكتروني!

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة