ربِّ اغفِر لوالدَتي وارحَمْها كمَا ربتني صغيراً، واجعَل قبرَها روضَة مِن رِياض الجنة، واجعلها وإيانا مِن وَرَثةِ جنة النعيم

6‏/5‏/2012

كيف تحافظ على صحتك ؟!


كنتُ قد قرأت شيئاً من كتاب: (الذخيرة في علم الطب) لمؤلفه: (ثابت بن قرة، المتوفىّ عام 288هـ). ولأنني من أنصار الطبيعة وأهل الطب البديل؛ فقد أعجبني حديثه عن كيفية الحفاظ على الصحة بأسلوب طبيعي لا تكلُّف فيه؛ حيث ذكر أن حِفظَ الصحة يكون بضربين؛ كالتالي:


«أحدهما: بالإدخال على البدن من الغذاء الملائم ...
والضرب الآخر: يكون بإخراج الفضول المتولدة فيه عن فضلات هضم الأغذية، وإزالة ما يحدث من العوارض النفسية». (ص: 14، ط. دار الكتب العلمية).
وقد ذكّرني تقسيمه هذا بما أدعو إليه مما قد أخذته من أهل الطب البديل في زماننا؛ وهذا هو عين الصواب، وهو ما يوافق عليه عليه عقلاء أهل الطب الحديث، ولا يكاد ينكره إلا شخص مكابر ومعاند. فإن أسباب الأمراض - ولا شك في ذلك - هو التفصيل الآتي:

ترسُّب السموم الداخلية والخارجية:

فأما ترسب السموم الداخلية: فإن خلايا الدم البيضاء تحارب الأجسام الغريبة داخل الجسمِ؛ فتَحدُث بذلك تجمعات للسموم والخلايا الميتة؛ وإن جسم الإنسان لا يقبل (الأجسام الغريبة) أو (المواد الفاسدةَ) أو (السمومَ) داخل الجِسمِ أيًّا كانَ مصدرُها.

وأما ترسب السموم الخارجية: فيتِمُّ عن طريق الغذاء (المأكولات والمشروبات) أو الهواء، ويدخل ضمن السموم الخارجية تلكم الأدوية الكيماوية التي أصبح بعض الناس يستخدمها في ثلاث أوقاتٍ؛ تماما كغذائه !

فقدان توازن وظائف الأعضاء:

فجسم الإنسان مصنع كيميائي ضخم، ويفرز الجسم موادَّ كيميائية بتراكيز معينة حتى يتمكن من استخدام الطاقة وتصريفها وحرقها والقيام بوظائف الجسم المختلفة؛ فإذا اختلّ توازنه أو تراكيز الموَادِّ فإن الجسمَ يُصاب بالمرض. 

وهذا ما يعكس لنا سبب تكاثر الأمراض في هذا الزمن؛ ولا ننسى قوله تعالى: [ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون]. (سورة الروم: 41). فالسبب الرئيسي [بما كسبت أيدي الناس]، ويتبعه السببان السابقان (ترسب السموم وفقدان التوازن).

ولكن المؤمن لا ييأس من رحمة الله وفضله وكرمه؛ فالله تعالى يقول على لسان يعقوب - عليه السلام - إذ يوصي بنيه بترصد أخبار يوسف وأخيه: [ولا تيأسوا من رَوْحِ اللهِ إنه لا يَيْأَسُ من رَوْحِ الله إلا القومُ الكافرون]. (سورة يوسف: 87)، فكما خلق الله المرض وأسبابه؛ فكذلك خلق علاجه وما يزيله.

وقد أخرج الحاكم من حديث أبي سعيدٍ الخدري – رضي الله عنه- قال: قال رسول – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى لم يُنزِل داءً إلا أنزَلَ له دَواءً؛ عَلِمَهُ من عَلِمَهُ وجَهِلَهُ من جَهِلَهُ؛ إلا السَّامَ؛ وهُوَ المَوتُ». صحَّحه الإمام الألبانِي في صحيح الجامع.


عَودٌ على بَدْءٍ:

وبعد هذا التطواف في التفصيل السابق حول أسباب الأمراض؛ أعودُ لأدندن حول كلام ثابت بن قرة في كيفية الحفاظ على الصحة؛ فهو قد ذكر ضربين من ضروب أهل الطب؛ وهذا تعليقي في بيان ذَيْـنَكَ الضربين:

الأول: إدخال الغذاء الملائم على البدن:

ويقصد به: الامتناع عن أَكْلِ كُلِّ مَا هَبَّ وَدَبَّ؛ فمن مُحرَّماتِ الطّبِّ على الشخص أن يدخل في بطنه كل ما وجده في مائدة الطعام؛ لأنه أصل من أصول الأمراض؛ وهذا ما وقع في أهل هذا الزمان، ولهذا فشتِ فيهم الأسقام!

وما من خير إلا وقد دلَّ الرسول أمته عليه؛ فعن المقدام بن معديكرب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما مَلأَ ابنُ آدمَ وِعَاءً شَراً مِنْ بَطْنٍ؛ بِحَسْبِ ابنِ آدمَ لُقَيمَاتٍ يُقِمْنَ صُلبَه، فَإِنْ كانَ لاَ مَحالَة فثُلُث لِطَعامِه، وثُلثٌ لِشَرابه، وثُلثٌ لنَفَسِهِ»أخرجه الترمذي وحسنه.

وهذا الحديث العظيم أصل من أصول الطّبِّ النبوي، وهذا هو ذاته ما يقول به أهل الطب البديل؛ يقول الإمام ابن رجب الحنبلي: «هذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها، وقد روي أن ابن ماسَوَيْه الطبيبُ لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خَيْثَمَةَ؛ قال: لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام، ولتعطَّلت دكاكين الصيادلة» (جامع العلوم والحكم ص 503).

الثاني: إخراج المتولد عن فضلات هضم الأغذية، وإزالة ما يحدث من العوارض النفسية:

وهذا ما يسمى عند أهل الطب البديل: بإزالة أو إخراج السموم المترسبة في الجسم، وهو من الأصول المهمة في طب الأبدان، إذ أنه لا بُدَّ من تصفية الشوائب لاستعادة صحة الجسم ونشاطه، ولا يمكن عقلاً وطباً أن تعود الصحة والقوة للجسم إلا بعد ذهاب أساس المرض.

وهذا ذاته الذي أمر به النبي – صلى الله عليه وسلم -؛ فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – ((أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: أخي يشتكي بطنه؛ فقال: «اسقه عسلا» ، ثم أتى الثانية؛ فقال: «اسقه عسلا»؛ ثم أتاه الثالثة؛ فقال: «اسقه عسلا»؛ ثم أتاه، فقال: قد فعلتُ؛ فقال: «صَدَقَ اللهُ، وكَذَبَ بطنُ أخيكَ؛ اسقه عسلا»؛ فسقاه، فبَرَأ)) رواه البخاري في صحيحه في كتاب: (الطب)، باب: (الدواء بالعسل)، برقم (5252).

وهذا الحديث يؤكد قاعدة إخراج السموم من الجسم لدى أهل الطب البديل؛ والعسل معروف في التشافي؛ ويكفي في بيان فضله قول الله تعالى: [وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرِشُون (68) ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون (69)] (سورة النجل: 68 - 69).

وأما الشِّـقُّ الثاني؛ فهو: إزالة ما يحدث من العوارض النفسية:

فما من شك في أن كثرة تفكير المريض بمرضه يزيد المرض، ولا يساعده على التشافي، فلذلك يبنغي للمريض أن يقلل من تفكيره، وأن يطمئن أن الله سيشفيه؛ فالله هو القائل على لسان إبراهيم أبي الأنبياء - عليه السلام -: [وإذا مرضتُ فهو يشفين]، (سورة الشعراء: (80). وفي الحديث: «إن الله تعالى لم يُنزِل داءً إلا أنزَلَ له دَواءً».

فعلى المريض التحلي بالراحة النفسية وقطع التفكير في مرضه، وليلهَجْ لسانه بذكر الله، وقراءة القرآن، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وكثرة الصلاة والسلام على نبينا – صلى الله عليه وسلم -، وكثر الاستغفار، والصدقة؛ فهذه أسباب معينة على التشافي، ومصبرة للشخص وهي من أسباب الراحة النفسية.

ولا بأس باستعمال ما يُذهِب التفكير ويُبْعِدُ الهَمَّ والغمَّ؛ كـ(التَّلبِيْنة) الثابتة عن الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وفِطْر (عُرف الأسد)؛ والذي أثبتت الدراسات الطبية الحديثة آثاره الطيبة في إزالة الهم والغم، والقلق والاضطراب.





هناك تعليق واحد:

تشرفني مشاركتك بتعليق، أو تصحيح، أو توجيه.
شاكراً لك زيارتك، وراجياً لك الفائدة.
وأعتذر مسبقًا عن حذف التعليقات المحتوية على أرقام الهواتف أو البريد الالكتروني!

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة