وصلتني - قبل أشهر - رِسَالةُ بثٍّ خلوي (برودكاست) عبر (البلاك بيري) كتبَـتْهُ إحدى الأخوات؛ فيها رَدٌّ على ما يقوله بعض الرجال في النساء من الاستدلال الدائم بقوله تعالى: [إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ] !
وقد أعجبني الأسلوب الاستشهادي الذي تفطّنت له الأخت الكاتبة، فقد استدلت بفهمها الخاص من قصة يوسف - عليه السلام - وكيف أنّ رميه في البئر؛ وبيعه، وما كتَبَ اللهُ له بعدَ ذلِكَ من البلاَءِ؛ كيفَ أنّ كُلَّ ذَلِكَ كان بسبب كيد إخوته، ومع ذلك فالرجال كلما قاموا وقعدوا قالوا للمرأة: [إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ].
ولما قرأتُ الردَّ بلسان المرأة؛ كتبتُ رداً عليه بلسان الرجل؛ ليس دفاعا عن الرجال، ولا من باب الرد على شقائقهم ! بل بفهم معاكس للفهم الآخر.
وهذا نص ما كتبتهُ الأخت - وفيه بعض العبارات العامية -:
(عزيزي الرجل: بخصوص إِنك كل ما قُمت وقعدت تردِّد: [ إن كيدكُنَّ عَظيم ]؛ هل سألت نفسك في يُوم وِشْ سبب الكيد ! يعني أن إمرأة العزيز، ونساء ذاك الزمان كِدن ليوسف - عليه السلام -؛ حُبّا له ولجماله وخُلقه وحيائه؛ يعني أنهم نساء عاشقات!
لكن ما سبب كيد إخوة يوسف له؟! [ يا بُنَيَّ لا تَقصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً ]، وهَل عِندكَ عِلم أن كيدكم ذُكر قبل كيد النساء؟! وأن كيدَكُم ليس بسبب المحبة أو العِشق، إنّما هو بدافع الكُره، والغِيرة، والحَسَدِ، والظُّلم! كيدكُم مذكورٌ بلسان يعقوب؛ وكيدنا مذكور بلسان العزيز؛ فمن أكثر حكمة؟!).
فقلتُ تعقيباً على حماس هذه الأخت في الاستشهاد:
فِعلاً؛ هذه لفتة طيبة ! ولكن أرجو أن تسمحي لي، فعندي إضافاتٌ على لفتَتِك؛ خطَرت في بالي بعد تدبُّر سورة يوسف من خلال هذا الجانب؛ وإليكِ ذلك:
ولكنْ هل تعلمين أنّ كيد النساء انقلب عليهن وعلى غيرهن بالسوء لا بالخير ! سُوءٌ عليهِنَّ؛ لقوله تعالى: [فَقَطَّعْنَ أيْدِيَهُنَّ]، وسُوءٌ على غيرِهِنَّ؛ لقوله تعالى على لسان امرأة العزيز: [مَا جَزاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ]؛ وبذلك سُجِنَ يوسف - عليه السلام - ظلماً وكيداً من امرأة العزيز ! إذن؛ فكيد أولئك النِّسوَة أصبح سوءاً في عاجل الحال؛ وآجل المآل !
وأما كيد الرجال؛ فقد انقلب بالخير والعِزِّ عليهم وعلى غيرهم؛ فقد انقلب كيد إخوة يوسف – عليه السلام - خيراً له؛ إذ قال له إخوته: [تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا]، وذلك بعدَ أن كَادُوا له؛ فأصبح يوسف عزيز مِصْرَ بكيد إخوته، وبه أنْقذَ الله الناسَ من الجوع والقحط؛ ثم عفا عَنْ إِخوَتِه وقرَّبَهُم إليه؛ فأصبح كيدهم خيراً لهم، وعزةً ليوسف وأبويه.
وليُعلَم أنَّ الكَيدَ ليس صفة للرجل دون المرأة، ولا للمرأة دون الرجل؛ فهو كَصِفة الكذب والصدق، والشجاعة والجُبن، يتصف بها الرجال والنساء؛ والله تعالى أعلى وأعلم وهو أعزُّ وأحكم.
أعتقد والله أعلم أن الكفّة متوازية لمفهوم (الكيد) وقصة يوسف عليه السلام لا يلزم منه حصول المآلات التي حصلت للطرفين في القصة..
ردحذفوليس من الإنصاف في شيء أن يأتي الطرفان ويقرآن قصة يوسف عليه السلام، وكل طرف يحاول أن يمسك بمعاني (الكيد) ومآلاته على الطرف الآخر..
لئن كنا خرجنا بأن مآل كيد إخوة يوسف إلى حسن، فماذا نقول عن كيد اليهود (الرجال) في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (بني قينقاع - وبني النضير - بني قريظة)؟ ماذا نقول عن كيد المنافقين (الرجال) في عهده عليه السلام؟ ماذا نقول عن كيد ابن العلقمي الذي أباد أهل السنة؟ وكيد العلمانيين زمان أتاتورك لإزالة الخلافة الإسلامية؟ وكيد ..كذا.. وكذا..
وفي المقابل قد يكون كيد النسوة لها مآلات حسنة، ما حصل من عائشة وحفصة رضي الله عنهما أنزل الله تعالى قرآنا يُتلى إلى قيام الساعة يكسب من قراءتها الناس آلاف الأجور..
بل حتى في قصة يوسف عليه السلام (بنظرة من زاوية أخرى) نجد أن يوسف عليه السلام دخل السجن بسبب كيد المرأة، لكنه خرج من السجن ليكون واليًا على المال، ولربما لو لم يدخل السجن -لكيد المرأة- لما خرج واليًا على المال..
ومن تتبع أخبار النساء في بطون الكتب وفطنتهن وجد أمثلة عديدة لذلك..
فالتخريج بين (كيد النسوة وكيد الرجال) سهل... جدًا، وإثقال كفة على حساب كفة وارد ليس بممتنع، ويبقى أن الكيد هنا هو الكيد هناك.. سواء من قبل الرجال أو من قبل النساء، وتحميل كل طرفٍ الطرف الآخر الكفة الأكبر للعنة الكيد؛ لا أستبعده أن يكون نوعًا من الكيد!!
وسلامتكم..
نعم .. صدقت أخي عبد الرشيد .. وتعقيبك ينم عن عقلية مفكرة ...
حذفوهذا الذي أردته ؛ وقد قلتُ في نهاية المقال:
وليُعلَم أنَّ الكَيدَ ليس صفة للرجل دون المرأة، ولا للمرأة دون الرجل؛ فهو كَصِفة الكذب والصدق، والشجاعة والجُبن، يتصف بها الرجال والنساء؛ والله تعالى أعلى وأعلم وهو أعزُّ وأحكم.
شكرا على تعقيبك المفيد ..
إخواني لماذا تدخلون نفسكم في متاهات لا نفع منها و الحقيقة واضحة كوضوح الشمس أولا قبل الإجابة عليكم أريد أن أسألكم أمرا في الواقع المعاش من هم الذين من بينهم تحدث الفتن و المؤامرات هل الأولاد في الصغر أم البنات في الصغر ؟و من هم المعرفون بالغتبة و النميمة و قيل و قال هل هم النساء أكثر أم الرجال ؟ و من هم الذين يستعملون جمالهم و أنوثثهم لتولي المناصب و من هم من يستعملون دهائهم لنيل ما يريدون النساء أم الرجال ؟ بالله عليكم كنكم صادقين مع أنفسكم أولا ؟(قلت أكثر و ليس كل) إذن الحياة أرتنا مؤامرات النساء بينهم و سقوط الدولة العثمانية أكبر دليل على ذلك
ردحذفثانيا إذا أردنا المقارنة فلا نقارن الكل بالواحد هاته أولا لأن زوجة العزيز واحدة أما إخوة يوسف عليه السلام عدة و مع ذاك غلب كيد العقل واحد عقول عدة.
ثالثا إن الأية جاءت قاطعة : ( لمل رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم)بصيغة التأكيد و القطع
أما الأية التي جاءت بها المتحدثة(مع أني أجيبها بقوله تعالى :(لا تقف ماليس لك به علم)و قوله(أم تقولون على الله مالا تعلمون)فلا تفقهي لمجرد أنكي إمرأة أخدتكي الحمية و أنفا عن النساء فقول الله و أنبياءه حق فلا تفهمي الأمور كما تريدينها) التي جاء فيها قوله تعالى : ([ يا بُنَيَّ لا تَقصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً ]،)فهنا كانت بصيغة الشرط و لم يذكر قطعيتها .
فالمقارنة محسومة في القرأن و السنة أن الإثنين لديهما الدهاء للكيد لكن كون المرأة ضعيفة فقوتها في كيدها و كيدها أكبر من الرجل و التاريخ يشهد بذلك
إذن الرجل له الحكمة و المرأة لها الدهاء.
ماشاء الله مناقشة مثمرة وهادفة بورك فيكم جميعا
ردحذف